اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 139
مخاطبا إيانا أَنْ آمِنُوا عباد الله وتوجهوا ايها التائهون في تيه العدم الذي هو عبارة عن مضيق الإمكان بِرَبِّكُمْ الذي رباكم سور وجوب الوجود وبعد ما سمعنا نداءه فَآمَنَّا به وامتثلنا امره وصدقنا قوله يا رَبَّنا فحققنا بإرشاده واشفاقه في مرتبة اليقين العلمي بوحدة ذاتك وبعد تحققنا فيها بإعانتك وتوفيقك فَاغْفِرْ واستر لَنا ذُنُوبَنا اى انانيتنا وهويتنا التي قد صرنا بها محرومين عن ساحة عز حضورك حتى نتحقق ونصل بفضلك ولطفك الى مرتبة اليقين العيني ونكاشف بمعاينة ذاتك ونتشرف بمطالعة وجهك الكريم وَبعد ما تحققنا فيها كَفِّرْ وطهر عَنَّا سَيِّئاتِنا اى عموم اوصافنا التي تشعر بالاثنينية بالكلية حتى نتحقق حسب فضلك وجودك في مرتبة اليقين الحقي وَبالجملة تَوَفَّنا في فضاء الفناء مَعَ الْأَبْرارِ الفانين في ذاتك الباقين ببقائك
رَبَّنا ثبتنا في مقام عبوديتك وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى لسان رُسُلِكَ من الكشوف والشهود وسائر ما جاءوا به وأخبروا عنه وَلا تُخْزِنا ولا تحرمنا يَوْمَ الْقِيامَةِ حين لقيناك عما وعدتنا من شرف لقائك إِنَّكَ بمقتضى لطفك وجودك على عبادك لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ الذي قد وعدته إياهم من سعة رحمتك وجودك.
ثم لما تضرعوا الى الله والتجئوا نحوه نادمين عما هم عليه من مقتضيات بشريتهم فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ واستقبل عليهم بالاجابة والقبول قائلا أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مخلص مِنْكُمْ سواء كان مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى إذ بَعْضُكُمْ ناش مِنْ بَعْضٍ ذكركم من انثاكم وانثاكم من ذكركم وكلكم مشتركون في مرتبة الانسانية وفي المظهرية الجامعة اللائقة للخلافة والنيابة وبالجملة فَالَّذِينَ هاجَرُوا منكم من دار الغرور طالبين الوصول الى دار السرور وَأُخْرِجُوا بسبب هذا الميل مِنْ دِيارِهِمْ المألوفة التي هي بقعة الإمكان وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي بواسطة قطع التعلقات البشرية وترك المألوفات الطبيعية وَقاتَلُوا مع القوى الحيوانية وَقُتِلُوا في الجهاد الأكبر مع جنود الامارة لَأُكَفِّرَنَّ اى لأمحون واطهرن عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ التي هي ذواتهم الباطلة العاطلة الهالكة المستهلكة في حدود ذواتها وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ ملاحظات ومكاشفات ومشاهدات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ دائما مملوة بمياه المعارف والحقائق المتجددة بتجدد الأمثال يثابون فيها دائما مستمرا ثَواباً نازلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تفضلا عليهم وامتنانا وَبالجملة اللَّهِ الجامع لشتات العباد عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ وخير المنقلب والمآب
لا يَغُرَّنَّكَ يا أكمل الرسل تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا انتقالهم وترحالهم فِي الْبِلادِ لاستجلاب المنافع والمتاجر
إذ هو مَتاعٌ قَلِيلٌ ولذة يسيرة في مدة قصيرة ثُمَّ اى بعد انقضاء النشأة الاولى مَأْواهُمْ ومنقلبهم جَهَنَّمُ البعد والخذلان خالدين فيها ابد الآباد وَبالجملة بِئْسَ الْمِهادُ مضيق الإمكان المستلزم لانواع الحرمان والخذلان
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ وحذروا عن الاشتغال بزخرفة الدنيا وأمتعتها منيبين اليه متوجهين نحوه لَهُمْ عنده سبحانه جَنَّاتٌ متنزهات محتوية بأنواع اللذات الروحانية تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ مملوة من العلوم البدنية خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حين وصلوا اليه واتصلوا به سبحانه وَاعلموا ايها المؤمنون الموحدون المحمديون ما عِنْدَ اللَّهِ من اللذات الدائمة والمثوبات المستمرة خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ المتوجهين الى دار القرار
ثم قال سبحانه وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ المنزل للكتب على الرسل المرسل للرسل
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 139